اخبار العراق: تم شراء الارض في الثلاثينات ابان ساطع الحصري لدائرة الاثار، لكن العمل في انشاء الابنية والقاعات كان بطيء جدا، وقد خاف الحصري ان تذهب الارض الى مشاريع اخرى، خصوصا ان حقبة الثلاثينات والاربعينات شهدت توسعا عمرانيا في بغداد، ولتثبيت مكان المتحف بشكل نهائي تم بناء البوابة الاشورية – الظاهرة في الصورة – عام 1939 لتكون المدخل الرئيس للمتحف، وطلب الحصري من شركة اجنبية عمل ثلاث نسخ من اسد بابل بحجم النسخة الاصلية وثبتها في زوايا الارض التي كانت مثلثة الشكل، كما بنى في احد اطراف الارض مخزنا لخزن القطع الاثرية، وبذلك حددت مساحة الارض التي سيقام عليها المتحف الجديد، لقد كانت البوابة من تصميم المعماري الإنجليزي “سيتن لويدز” وهو أثاري ومعماري عمل مستشارا لساطع الحصري في دائرة الاثار.
وقد كتب احد الصحفيين مرة، ان فكرة إقامة البوابة الاشورية التي بنيت كانت بمثابة بوابة لدخول بغداد لتكون اشبه بقوس النصر في شارع الشانزلزيه في باريس، أذ ان الداخل الى بغداد سيأتي من مطار المثنى القريب، وكان من المقرر ان يمر الملك غازي بسيارته من تحت القوس في الافتتاح، لكن اتضح بعد التمحيص في المصادر التاريخية عدم وجود هكذا فكرة، لان ساطع الحصري لم يكن معنيا بهذا الامر، لقد كانت الفكرة المسيطرة على تفكيره حينها الحفاظ على أرض المتحف عبر بناء بوابة للمتحف فقط.
كان مدير دائرة الاثار عام 1934م اثاريا المانيا اسمه “يوردن” الذي اصبح فيما بعد مستشارا للحصري، كان “يوردن” المانيا صميما ذو ميول نازية، وقد اقنع يوردن ساطع الحصري باستقدام معماري الماني شهير هو مارخ وهو المعماري المقرب من هتلر، وكان قد صمم اعمالا مشهورة في المانيا مثل ملعب برلين الذي اقيمت فيه الالعاب الاولمبية عام 1936 وصمم البناية التي ستصبح فيما بعد محكمة نورنبرغ الشهيرة التي حوكم فيها قادة المانيا النازية بعد الحرب العالمية الثانية، عندما طلبت دائرة الاثار العراقية من مارخ تصميم المتحف العراقي ، قدم الى بغداد وانجز التصميم الذي كان نموذجا متفردا على مستوى متاحف العالم، انجز التصميم لكن موضوع الارض والتخصيصات اللازمة للبناء كان بين شد وجذب حتى اشتعلت الحرب العالمية الثانية عام 1939 فتوقف العمل في تنفيذ مبنى المتحف الجديد.
وفي عام 1954 تم الرجوع ثانية لتصميم مارخ وتم طلب التخصيصات المالية اللازمة من مجلس الاعمار، وبالفعل تم البدء مجددا باعمال انشاء المتحف العراقي، لقد تم الرجوع لمخططات مارخ لانها كانت متميزة من حيث دراسة البيئة العراقية والتأكيد على خصوصية مواد البناء المحلية “الطابوق والجص” و توزيع الضوء وسعة المساحات وتوزيعها الفني والعلمي، وقد كان مارخ، في عام 1954 لم يزل على قيد الحياة فتم استقدامه مرة اخرى للاشراف على التنفيذ، لكنه لم يبق الا مدة قصيرة ومرض بعدها فأضطر للسفر مغادرا العراق، وقام بالاشراف على تنفيذ المشروع المعماري العراقي جعفر علاوي وتم انجاز العمل في بداية الستينات لكن الافتتاح الرسمي للمتحف العراقي كان عام 1966.
وكالات